بريطانيا.. مطالب بحماية المؤسسات الخيرية من أي تجاوزات أخلاقية
تجدد الجدل مجددا في بريطانيا حول مستقبل الدعم الحكومي لمنظمات العمل الخيري، على خلفية التقارير الحديثة بشأن بعض الانتهاكات التي ارتكبتها منظمات خيرية في هاييتي في أعقاب الزلزال الذي شهدته عام 2010.
وذكرت تقارير إعلامية صادرة في لندن اليوم، أن النقاش عاد مجددا عندما تعرضت منظمة “أوكسفام” الخيرية لضغوط لتسليم ملفاتها الخاصة من المشتبه في أنهم من المسيئين للأطفال والنساء الضعيفات في هايتى التى ضربها الزلزال عام 2010.
وقد استُدعي رؤساء المنظمات الخيرية في المملكة المتحدة لاجراء محادثات مع وزير التنمية الدولية بيني موردونت الذي يهدد بقطع تمويل حكومي بقيمة 32 مليون جنيه استرليني ردا على ما يصفه الإعلام بـ “الفضيحة”.
ونسبت ذات التقارير، إلى مسؤول في لجنة الجمعيات الخيرية البريطانية أنه تم الإبلاغ عن 1000 ادعاء بسوء السلوك عبر القطاع الخيري في العام الماضي.
ويعتقد مراقبون أن معظم الجمعيات الخيرية تعمل في مساعي نبيلة، وأن حكومة المملكة المتحدة على حق في تحديد هدف لإنفاق 0.7 في المائة من الدخل القومي على المعونة.
ولكن هذا لا يعني الحصول على تصريح مجاني، وأنه يجب فحص ميزانية المعونة الدولية بشكل أوثق من الإنفاق العام الآخر.
وأعرب المحامي البريطاني أحمد الترك، المشرف على موقع “المحامون العرب” الالكتروني، والمختص بالقانون الخيري، في حديث مع “قدس برس”، عن ثقته بـ “الدور الذي تضطلع به مفوضية العمل الخيري لضبط العمل الخيري وحمايته من اية تجاوزات قد يقوم بها بعض مرضى النفوس من العاملين او المنتسبين للعمل الخيري”.
وأضاف: “الشعب البريطاني بطبعه محب ومتعاطف مع القضايا الانسانية، ويجب ان لا يؤثر مجرى التحقيقات على ثقة المتبرعين بالعمل الخيري، حيث ان مجموع ما صرف العام الماضي على العمل الخيري بلغ ما يزيد عن 72 مليار جنيه استرليني من أصل 75 مليار جمعتها المؤسسات الخيرية”.
وطالب الترك، بـ “ضرورة استمرار مفوضية العمل الخيري بمراقبة اداء وعمل المؤسسات الخيرية”، وأثنى على “الدور الذي تقوم به الصحافة والاعلام بكشف اي تجاوزات تجري سواء كانت تتمثل بسوء صرف التبرعات على المستحقين او استخدامها لاغراض غير شرعية”، على حد تعبيرها.
وتعتبر بريطانيا من أعرق الدول الاوروبية المهتمة بالعمل الخيري، وقد تم تأسيس مفوضية العمل الخيري عام 1853، لتنظيم المؤسسات الخيرية وضبط عملها في بريطانيا.
ويبلغ عدد المنظمات الخيرية 168 الف مؤسسة مسجلة لدى مفوضية العمل الخيري البريطاني، ويصل مجموع ما تجمعه من تبرعات الى 75 مليار جنيه إسترليني سنويا، مقارنة مع 48 مليار كان حجم التبرعات التي جمعت عام 2008.
ويعبتر المجلس البريطاني British Council هو أكبر المؤسسات الخيرية البريطانية، حيث يصل مجموع التبرعات السنوية التي يتلقاها ما يزيد عن مليار جنيه استراليني، ويليه في المرتبة الثانية منظمة “انقذو الأطفال” الدولية، حيث تجمع ما يقرب من 900 مليون جنيه استرليني بالعام، حسب الارقام التي نشرتها مفوضية العمل الخيري.
و”مفوضية العمل الخيري” هي دائرة حكومية رسمية غير تابعة لمجلس الوزراء بل تخضع لمحاسبة مجلس البرلمان.
ويعود أقدم القوانين البريطانية الخاصة باستخدامات العمل الخيري الى عام 1601، والمعروف باسم قانون “يزابيث”، وتضم ديباجة القانون قائمة بالأنشطة او الاغراض التي تعتبر خيرية والتي هي بالمجمل مفيدة للمجتمع، والتي تريد الدولة ان تشجع المتبرعين للتبرع لتلك الغايات.
وقد كانت تلك القائمة هي الأسس التي اعتمد عليها القانون الخيري الحديث لتعريف اغراض العمل الخيري، ومن بينها اطعام الجياع ومساعدة المحتاجين وتزويج العازبات وبناء الجسور.